«فايننشال تايمز»: ترامب يستهدف الجمعيات الخيرية البيئية من بوابة الإعفاءات الضريبية
«فايننشال تايمز»: ترامب يستهدف الجمعيات الخيرية البيئية من بوابة الإعفاءات الضريبية
حذّرت منظمات خيرية أمريكية تُعنى بقضايا المناخ من خطر فقدان وضعها القانوني المعفي من الضرائب، في خطوة قد تُهدد مستقبل برامجها وتُقلّص قدرتها على الاستمرار في دعم القضايا البيئية والاجتماعية، خاصةً في ظل تخفيضات حكومية متسارعة.
ووفقًا لما نشرته صحيفة "فايننشيال تايمز"، السبت، أعربت هذه المنظمات عن قلقها من توجهات إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التي تُهدد بتقليص الامتيازات الضريبية الممنوحة بموجب المادة 501(c)(3) من قانون الضرائب الأمريكي، والتي تسمح للمؤسسات غير الربحية بالإعفاء من بعض الضرائب، وتُتيح للمتبرعين خصم إسهاماتهم من الضرائب.
تحضيرات لأمر تنفيذي يهدد التمويل البيئي
أشارت مصادر مطلعة إلى أن إدارة ترامب تستعد لإصدار أمر تنفيذي، قد يُعلن عنه بالتزامن مع "يوم الأرض" الأسبوع المقبل، يقضي بإنهاء الوضع الضريبي المعفي لبعض المنظمات التي تعمل في قضايا المناخ أو العدالة البيئية والعرقية، خاصة تلك التي تتلقى تمويلاً خارجياً.
جاء هذا التوجه بعد توقيع أمر رئاسي في يناير الماضي استهدف برامج ونفقات الحكومة الفيدرالية المتعلقة بالعدالة البيئية، وفي أعقاب تفكيك أجزاء من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)، التي تُعد ذراعًا مهمًا للعمل البيئي والإنساني خارج الولايات المتحدة.
مخاوف من رقابة على الاتصالات الإلكترونية
كشف عدد من العاملين في هذه المنظمات لصحيفة "فايننشيال تايمز" أنهم باتوا يخشون الرقابة على محتوى مواقعهم الإلكترونية وخطاباتهم العامة، ما دفعهم إلى تعديل الصياغات لتجنّب أي إشارات مباشرة إلى "تغير المناخ"، خشية تعرضهم للعقوبات أو فقدان الوضع القانوني المُعفى من الضرائب.
أكد أحد الموظفين في مؤسسة بيئية كبيرة أن المنظمة بدأت منذ يناير في إعادة صياغة جميع الأنشطة المناخية لتُربط بمفاهيم مثل الأمن الغذائي أو الصحة العامة أو النمو الاقتصادي، وذلك لمحاولة الالتفاف على الرقابة السياسية الجديدة.
تهديد مباشر للجامعات والمنظمات
زاد من توتر هذه المؤسسات إعلان الرئيس ترامب أخيرًا عزمه مراجعة الوضع الضريبي لجامعة هارفارد، وهو تهديد عدته المنظمات البيئية سابقة خطِرة قد تمتد إلى مؤسسات أخرى، خصوصًا تلك التي تتلقى تبرعات كبيرة وتُمارس تأثيرًا مجتمعيًا.
استفادت منظمات كبيرة مثل مؤسسة فورد، ومؤسسة غيتس، ومؤسسة روكفلر، وصندوق بيزوس للأرض من الوضع الضريبي 501(c)(3)، سواء بشكل مباشر أو من خلال تلقي تبرعات من كيانات مشمولة بهذا الامتياز، وتمتلك هذه الجهات برامج واسعة النطاق في مجالات التغير المناخي والطاقة النظيفة.
إعادة هيكلة داخل المؤسسات الكبرى
أعلن رئيس مؤسسة روكفلر، راجيف شاه، والتي تُدير أصولًا بقيمة تقارب 6 مليارات دولار، أن المؤسسة تواجه تحديًا يتمثل في "العودة إلى الأساسيات" في ظل الأوضاع السياسية الجديدة، في حين قامت مؤسسة "بريكثرو إنرجي"، التي أسسها بيل غيتس، بإجراء تخفيضات في ميزانيات وسياسات المناخ العامة في مارس، لكنها شددت على التزامها بتمويل الابتكارات في مجال الطاقة النظيفة.
أفادت المؤسسة بأنها حصلت على وضع الإعفاء الضريبي عام 2021، إلا أن استمرار هذا الوضع أصبح الآن في موضع تساؤل.
استقالات وتبدلات في الاستراتيجيات
قدّم دون جيبس استقالته الشهر الماضي من رئاسة مؤسسة سكول، التي تدير أصولاً بقيمة تفوق 800 مليون دولار، مبرّرًا قراره بتغيّر جذري في البيئة السياسية والاجتماعية التي بُنيت عليها استراتيجيات العمل الخيري في الولايات المتحدة. وأوضح في منشور على لينكدإن أنه يحتاج إلى وقت "لاستكشاف محاور استراتيجية جديدة" تُساعد المؤسسات على التكيف مع التحديات المتصاعدة.
قال مصدر مطّلع إن جيبس أبدى انزعاجه من قرار مؤسس المؤسسة، جيف سكول، الذي اختار تقليص مشاركة المؤسسة في برامج المناخ، وأغلق العام الماضي شركة "بارتيسيبانت ميديا"، وهي الذراع الإعلامية التي كانت تُنتج أفلامًا ذات طابع اجتماعي تقدمي.
تزامن الضغوط مع تخفيض المساعدات الحكومية
واجهت هذه المنظمات ضغوطًا متزايدة في الوقت الذي شهدت فيه الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية تخفيضات حادة في ميزانيتها، وأكد أحد العاملين في مؤسسة خيرية كبرى أن المنظمات "لا تستطيع تعويض الفجوة حتى لو لجأت إلى تصفية أوقافها بالكامل"، في إشارة إلى حجم الدعم الحكومي الذي تم تقليصه بشكل مفاجئ.
أضاف أن المنظمات مضطرة الآن إلى توخي الحذر الشديد في كل عبارة أو منشور تنشره، وسط بيئة سياسية يُنظر فيها إلى النشاط المناخي على أنه موضوع مثير للجدل وليس أولوية وطنية.
منظمات تحذّر من إغلاق محتمل
حذّر المدير المساعد لمنظمة "أمازون ووتش"، بول باز إي مينيو، من أن أي تحرك لإلغاء الوضع غير الربحي للمنظمات البيئية سيكون بمنزلة ضربة قاصمة، وقال إن "القرار سيُعطل قدرتنا على التنظيم والعمل، خاصة أننا نعتمد على هذا الوضع لجمع الموارد".
وأضاف أن هذا التحرك هو جزء من "استراتيجية أوسع لتقييد أصوات المعارضة"، خاصة في ما يتعلق بالقضايا البيئية والعدالة المناخية، وهو ما يهدد بإضعاف المجتمع المدني الأمريكي في واحدة من أكثر اللحظات حرجًا في معركة التغير المناخي.